في هذه التدوينة سأتحدث عن أمر قد لا يعرفه بعض الناس أو قد يكون نساه البعض وهو أمر بسيط وأرى أنه يجب على الجميع معرفته لأنه يمس حياتنا اليومية ألا وهو أن بعض الناس يعرف أن التقويم الهجري (غير ثابت) وأنه لا يصلح في اتخاذ المواعيد خصوصا إن كانت بعد سنوات طويلة (بعد ٢٠ سنة مثلا!) وهذا غير صحيح لأن الأمر فيه تفصيل فالتقويم الهجري فيه الثابت مهما طالت السنوات وفيه الغير ثابت والذي يتم تحديده نهاية كل شهر.
المشكلة
في كل نهاية شهر وخصوصا رمضان يحصل اختلاف في دخول الشهر الفعلي عن الموجود في التقويم الورقي (أو الرزنامة) ويحدث بين الناس اختلاط في الاستعمال وهل يعتمدون على الأول أو الآخر؟
مثال بسيط:
تواعد محمد وخالد أن يتقابلا في ٢ رمضان وكان ذلك اليوم هو السبت ٢٩ شعبان وحسب الرزنامة أن غدا هو ٣٠ شعبان ولكن تمت رؤية الهلال فأصبح غدا هو ١ رمضان. وبحسب الرزنامة ٢ رمضان هو يوم الثلاثاء أما على ما تمت رؤيته فـ ٢ رمضان يوافق يوم الإثنين. فعلى أي حسبة يجب أن يعتمدا محمد وخالد ولماذا؟
هذا ما سوف يتم الإجابة عنه في هذا المقال وبشكل مفصل. ولكن بالبداية يجب أن نعرف ماهي أنواع التقويم الهجري وما هي استخداماته.
أنواع التقويم الهجري
- حسابية فلكية: ويتم ذلك بمعرفة وحساب موقع القمر حسب اليوم الفلاني والشمس ومن ذلك يتم تحديده. وتقويم أم القرى هو مثال على ذلك.
- شرعية: تتم برؤية الهلال بالعين
من ناحية ثبوت التقويم فالحسابية الفلكية تعتبر ثابتة لا تتغير مع مرور الزمن (مثل التقويم الميلادي). أما الشرعية فتتم برؤية العين وبالتالي لا تعتبر ثابتة نهاية كل شهر وإنما على حسب.
ومن ناحية الاستخدام فبالإجراءات الرسمية كالمواعيد الحكومية أوالمستشفيات فيتم استخدام التقويم الحسابية الفلكي. ومن ناحية الشعائر الدينية كرمضان والأعياد فيتم ذلك بالتقويم الشرعي.
وأما من ناحية التواجد فـالتقويم الحسابي الفلكي هو المتواجد في الحواسب والرزنامة وأما الشرعي فالأصل لا يوجد وللأسف الشديد أن بعض الصحف والمواقع الرسمية لا تعلم أنه إذا اختلف دخول الشهر بين الحسابي الفلكي والشرعي عليهم أن يأخذوا الحسابي الفلكي وليس الشرعي.
ملاحظة هامة جدا: تقويم أم القرى هو تقويم حسابي فلكي وليس شرعي، هذا يعني أن تقويم أم القرى ثابت لا يتغير مهما طالت السنين.
وبالنسبة لمشكلة خالد ومحمد فالجواب عليهم استخدام الرزنامة ويلتقيا في يوم الثلاثاء ٢ رمضان.
تقويم أم القرى
تقويم أم القرى هو التقويم الإسلامي الرسمي وهو تقويم حسابي فلكي ولا يستخدم في الأمور الشرعية كالصيام والعيد ولكن يستخدم في المواعيد الرسمية وغيرها وهو الموجود في الرزنامة والمواقع والصحف في السعودية. وتقويم أم القرى يعتمد على شرطين في حسبه نهاية الأشهر لذلك يعتبر تقويم ثابت ولا يتغير مع دخول الشهور برؤية الهلال من عدمها.
مادام هناك تقويم ثابت فلماذا لا يتم الاعتماد عليه بدل رؤية الهلال بالعين؟
يتم دخول الشهر الجديد تحت شرطين: الأول ألا يغرب القمر قبل أن تغرب الشمس. والثاني أن يولد الهلال الجديد من الشهر. إن لم يتم أحد الشرطين فيتم تكملة ثلاثين من الشهر.
بالنسبة للشرط الأول فهو متفق عليه ولا خلاف فيه. أما الشرط الثاني فهو نسبي، فمثلا قد يلد الشهر الجديد ولكن نسبه رؤية الهلال لحظة غروب الشمس لا تتعدى ٥٪ من حجم القمر وبالتالي لا يمكن رؤيته بالعين وقد لا يكون حتى بالمنظار وهنا يدب الخلاف وهو خلاف عادي لا يدل على جهل الأول أو جهل الثاني دام الأمر نسبي. ونقطة أخرى قد لا تكون ذات علاقة ولكنها مهمة ألا وهي أن القمر من الأساس ليس كالشمس فهو صعب تحديد المكان الدقيق ولا توجد معادلة ثابتة لحسبه مكان القمر بالضبط والحاصل أن ناسا أخرجت قائمة طويلة نتيجة أبحاث لـ٦٠٠٠ سنة تُحدد فيها تاريخ ولاده الهلال الجديد من كل شهر.
لماذا لا نعتمد على التقويم الميلادي فقط مادام كل العالم هكذا؟
الصين والتي تعد واحده من أكثر الدول الواعدة تعتمد على تقويمها القمري والذي هو مشابه للهجري في الإجازات ومواسم الزواج. والصين تعتز في تقويمها الذي تجاوز الـ٤٠٠٠ سنة وتعتبره رمز لها فمالذي يمنع أن نعتز بتقويمنا وهو تقويم المسلمين.
تحديث: تم اطلاق تطبيق “تقويمي” والذي يعتمد على تقويم أم القرى[الرابط] وايضا لقد قمت بصنع معلومة مصورة (انفوجراف) حتى يسهل توصيل المعلومة(الملف الأصلي للصورة هنا).
مقالة الرائعة!
لم أجد مقالة كهذه تفصِّل التقاويم و تتحدث عنها بوضوح و تقارن فيما بينها، شكرًا!